بالرغم من المساحة الصغيرة التي يشغلها الدماغ البشري في أجسادنا، إلا أنه على درجة كبيرة من التعقيد يستطيع معها إنجاز الكثير من المهام اليومية، وتجاوز ذلك إلى تمكين البشر من بسط سيطرتهم على الكرة الأرضية، وربما الفضاء الخارجي.
تدمر الكلى وتسبب فقدان الذاكرة وضعف العضلات.. دراسة أمريكيه صادمة عن التونه المعلبة..تجنبها حالاً
ولا تزال جهود العلماء تحاول سبر أغوار الدماغ وكشف أسراره. كانت آخر تلك الجهود دراسة جديدة نشرت بدورية "ساينس أدفانسيس"، وأجراها باحثان من كلية الطب بجامعة كورنيل، حاولا خلالها فهم طريقة استهلاك الدماغ للقدر الأكبر من "الطاقة" في جسم الإنسان. اللغز الكبير
تيموثي رايان، المؤلف الرئيسي للدراسة، وأستاذ الكيمياء الحيوية في كلية طب وايل كورنيل بجامعة كورنيل في نيويورك، كشف لـ"سكاي نيوز عربية" عن طبيعة النتائج التي تم التوصل إليها في الدراسة الجديدة. الدماغ يستهلك طاقة كبيرة يوميا... اليكم بعض المعلومات
في البداية يوضح رايان ماهية عمل الدماغ؛ إذ يقول إن أدمغة جميع الثدييات تحتاج إلى الكثير من الطاقة لإبقائها تعمل: "من حيث الوزن، يكون الدماغ أكبر بـ10 مرات من الأعضاء الأخرى في الجسم، كما أنه يستخدم حوالي 20 في المئة من إجمالي "الطاقة" التي يحتاجها الجسم، لكنه يمثل حوالي 2 بالمائة فقط من إجمالي كتلة الجسم".
ويضيف رايان موضحًا أن هذا الاستهلاك العالي للطاقة يُعزى إلى حقيقة مفادها أنّ خلايا الدماغ تستخدم إشارات كهربائية لإرسال رسائل عبر المدى الطويل جدًا من الخلايا العصبية الفردية.
ويتابع: "منذ حوالي 40 عامًا، كشفت جهود فريق من الأطباء أنّ أدمغة مرضى دخلوا في غيبوبة شديدة لا تزال تستهلك الكثير من وقود الجسم، أقل بمرتين من المرضى العاديين".
ويضيف: "ومع ذلك، كان من المدهش جدًا أنه عندما تكون معظم وظائف الدماغ متوقفة، لا يزال هناك استهلاك أعلى بكثير من الطاقة مقارنة بالأنسجة الأخرى. وبقى سبب هذه الاستهلاك المضاعف من الطاقة لغزًا كبيرًا منذ ذلك الحين".
طاقة المشابك العصبية
يكشف أستاذ الكيمياء الحيوية طبيعة الدراسة التي أعدّها رفقة زميلته كاميلا بوليدو؛ فيقول: "أثناء عملنا في المختبر، طورنا طرقًا لقياس كمية الطاقة التي تستهلكها المشابك العصبية بشكل مباشر؛ حيث تعد نقاط الاشتباك العصبي بمثابة نقاط الاتصال بين خلايا الدماغ، وتشير التقديرات إلى أن دماغ الإنسان يحتوي على حوالي 10 تريليونات من نقاط الاشتباك العصبي".
ويستطرد: "في تجاربنا طرحنا تساؤل يقول: هل سيغير مقدار الطاقة التي تستهلكها المشابك عندما نجبرها إيقاف الاتصال الكهربائي؟ كانت الإجابة أنها ما زالت تستهلك الكثير من الطاقة".
ويتابع: "ثم أجرينا المزيد من التجارب لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تحديد أي جانب من المشبك يحرق كل هذه الطاقة، حتى عندما يكون في حالة سكون، وكانت النتيجة أنّ المسؤول الرئيسي لم يكن متوقعا على الإطلاق".
إحدى النظريات لتفسير هذا اللغز تقول إن الدماغ يستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة للحفاظ على استمرار الإشارات الكهربائية في خلايا الدماغ، وهو ما يوصف بإبقاء "البطاريات الصغيرة" مشحونة، لكن رايان دحض هذا التفسير، فلم يكن الحفاظ على الإشارات الكهربائية السبب الرئيسي لاستهلاك الطاقة.
في المقابل، وجد رايان أن عملية تجهيز الرسالة الكيميائية لإرسالها كانت واحدة من أكبر مستهلكي الطاقة، فالإشارة الكهربائية لا تنتقل إلا عبر المسافة (التي يمكن أن تكون طويلة جدًا) في خلية فردية، ولإرسال الرسالة إلى الخلية التالية، يتم "تحويل" الإشارة الكهربائية إلى رسالة كيميائية.
يتم نقل الرسالة الكيميائية من خلال كبسولات صغيرة تُعرف بالحويصلات المشبكية، تندمج مع سطح الخلية عند المشبك، مما يسمح للرسالة بالانتشار عبر فجوة صغيرة لتعمل بعد ذلك على الخلية المجاورة.
على طريقة الهاتف الجوال
يقول أستاذ الكيمياء الحيوية: "ما وجدناه هو أن إبقاء الكبسولات الصغيرة (الحويصلات المشبكية) مليئة بالرسالة الكيميائية، هو ما يتسبب في حرق الطاقة باستمرار، حتى عندما لا يتم إرسال الرسالة".
ويشبه رايان هذه العملية بما يحدث مع بالهاتف الخلوي، الذي تنفد بطاريته باستمرار لأنه يكون دائمًا في حالة تأهب قصوى وجاهز لإخبارك بمكالمة أو رسالة واردة، كذلك اتضح أن عملية "إبقاء المشابك الدماغية جاهزة" لإرسال رسالة تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، تمامًا كما يفعل إبقاء هاتفك في حالة تأهب.
ويعد فك هذا اللغز المحير بمثابة تقدم كبير في فهم طبيعة عمل الدماغ، إلى جانب أن ضعف الدماغ أمام انقطاع إمداد الطاقة يمثل مشكلة رئيسية في علم الأعصاب، وقد لوحظ وجود نقص في التمثيل الغذائي في مجموعة من أمراض الدماغ الشائعة مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون، ويمكن أن يساعد هذا النهج بنهاية المطاف في حل الألغاز الطبية المهمة واقتراح علاجات جديدة. (سكاي نيوز عربية)
اقرأ أيضاَ :
لماذا يصاب الجسم بالسرطان؟.. حاول الابتعاد عن هذه العادات السيئة قبل فوات الآوان